صحة

انعدام التلذذ: عندما تصبح الحياة خالية من المشاعر!

قد تُصاب بالبلادة، فيصبح كل شيء بالنسبة إليك بلا معنى، ولا تعود لديك ردود فعل سلبية أو إيجابية حيال أي أمر. تلقّي هدية، مثلاً، لن يشكل مفاجأة لك، ولا انتظار أي حدث سيحرّك فيك أية مشاعر. إذا كنت كذلك، هل خطر في بالك يوماً أنك قد تكون مصاباً باضطراب نفسي يسمى «انعدام التلذّذ»؟

ما هو انعدام التلذذ؟

يصنّف انعدام التلذّذ (بالإنكليزية Anhedonia) في خانة الإضطرابات النفسية التي يفقد معها المصابون اهتمامهم بالأمور التي كانوا يستمتعون بها سابقاً، فتصبح بالنسبة إليهم أموراً عابرة لا تثير فيهم أي أحاسيس. هكذا، يصبحون أكثر بلادةً تجاه الأشياء، وأقلّ شغفاً بما يقومون به، طالما أنهم لن يشعروا في نهاية المطاف بلذةّ الإنجاز.
بعض الأمراض النفسية كالفصام والذهان وفقدان الشهية العصبي واستخدام الأدوية (كمضادات الإكتئاب) قد تسبّب انعدام التلذذ النفسي. لكن هذا الاضطراب قد يصيب أيضاً من لم يعانوا من أمراض نفسية سابقاً، وإنما قد يحدث بسبب وقوع أحداث مفاجئة مؤلمة أو مرهقة، أو نتيجة سوء معاملة وإهمال.

 انعدام التلذذ الاجتماعي والجسدي

يُصنّف انعدام التلذّذ النفسي بنوعين أساسيين هما:
– انعدام التلذّذ الاجتماعي، ويتجلى بفقدان الراحة والإطمئنان تجاه العلاقات الاجتماعية وفقدان الرغبة بالتواصل مع الآخرين.
– انعدام التلذّذ الجسدي، وهو عدم القدرة على الشعور بالمتعة الحسية المتعلّقة باللمس والحواس كالأكل أو التلامس، وفقدان الشغف بالعلاقة مع الجنس الآخر.

 أسباب الإصابة بانعدام التلذذ

أظهرت دراسات طبية أجراها علماء نفس أن المصابين بانعدام اللذة لديهم مشكلة في منطقة من الدماغ مسؤولة عن نظام المكافآت، أو مناطق أخرى مسؤولة عن التخطيط، أو اللوزة الدماغية المسؤولة عن العواطف والتشارك في صنع القرار. كما يمكن أن يسبّب انخفاض مستوى الدوبامين في الجسم إلى انعدام التلذّذ. و الدوبامين هو الهرمون المسؤول عن السعادة ويؤثر على كل مناطق اللذة والمكافأة في الدماغ.
إضافة إلى ذلك، هناك أسباب أخرى قد تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب، من بينها:
– وجود تاريخ للإكتئاب أو الفصام في العائلة.
– التعرض لصدمة نفسية كالحزن الشديد أو الخوف الشديد.
– التعرض لحادث يتسبب بتلف وظيفي في أحد أعضاء الجسد كالقلب أو الكلية أو العين، أو بتر أحد الأطراف.
– مرض يؤثر على نوعية الحياة (كالسرطان مثلاً).
– الإدمان على الكحول أو المخدرات.
– الفصام واضطراب ثنائي القطب.
– اضطرابات الأكل النفسية كالنهم أو فقدان الشهية العصبي أو اضطراب الإجترار.

الأعراض المصاحبة لانعدام التلذذ

تتعدّد الأعراض التي تصاحب اضطراب انعدام التلذّذ،. ويكفي عارض أو اثنين للتأكّد من الإصابة. وأبرز الأعراض هي:
– الإنسحاب من جميع العلاقات الاجتماعية والإنطواء على الذات.
– فقدان الإهتمام بأنشطة كانت مفضّلة وممتعة في السابق.
– مشاعر سلبية دائمة تجاه الذات والآخرين والشعور بالحزن من دون مبرّر.
– صعوبة التأقلم مع كثير من المواقف الاجتماعية وقلة استخدام التعابير اللفظية وانخفاض القدرات العاطفية.
– الميل نحو إظهار مشاعر مزيّفة كالتظاهر بالفرح.
– فقدان الإهتمام بالعلاقات الحميمية.
– تكرار الإصابة بالأمراض.
– الأرق أو النوم المفرط.
– الشعور الدائم بالتعب بشكلٍ غير طبيعي، حيث يعاني المريض من انخفاض طاقته وحيويته وانعدام القدرة على التركيز والتفكير واتّخاذ القرارات.

تشخيص انعدام التلذذ

في حالة اضطراب انعدام التلذّذ، غالباً ما يكون التشخيص طبياً ونفسياً. في الشق الطبي، قد يطلب الطبيب المعالج من المصاب أن يقوم بعدد من فحوصات الدم للتأكد من عدم وجود سبب طبي، كوجود مشاكل في الغدة الدرقية أو نقص في الفيتامينات.
ومن جهة أخرى، قد يساعد الفحص السريري و«الدردشة» بين الطبيب والمريض في معرفة أمور لا تظهرها الإختبارات الطبية. فغالباً ما يقوم الطبيب بطرح أسئلة تتعلق بالحالة المزاجية بشكل عام. لذلك، حاول وضع قائمة بجميع الأراض التي تعاني منها قبل موعدك مع الطبيب، بما في ذلك التفاصيل المتعلقة بفقدانك للإحساس بالمتعة. فإخبار الطبيب بذلك يمكن أن يساعده على رسم الصورة الكاملة والخروج بالتشخيص المناسب.

علاجات نفسية وطبية لانعدام التلذذ

يرتبط العلاج بالتشخيص. فعندما يكون التشخيص صحيحاً يكون مسار العلاج أسهل. هذه هي الخطوة الأولى. أما الخطوة الثانية الأساسية فهي تحديد السبب لوضع خطة علاجية مناسبة. إذا كان السبب طبياً يكون العلاج بالأدوية، أما إذا كان السبب نفسياً، فثمة مسار للعلاج بحسب شدة الحالة وسرعة استجابة المريض، ويتضمن إعطاء المريض مضادات الإكتئاب وجلسات الحديث النفسي. كما أن هناك نوعاً آخر من العلاج أكثر دقة، هو العلاج بالصدمة الكهربائية، عبر تمرير تيار كهربائي في الرأس أثناء تخدير المريض بما يساعد في تنشيط وظائف الدماغ.
العلاج النهائي، بعد فشل العلاجات السابقة، يكونمن خلال تحفيز العصب المبهم. حيث يقوم الطبيب بزرع جهاز طبي مشابه لجهاز تنظيم ضربات القلب، على أن تقوم أسلاك هذا الشريط بخلق نبضات كهربائية منتظمة تحفّز الدماغ. ويمكن أن ينشط هذا العلاج العصب الحائر ويعالج الإضطراب لدى الأشخاص الذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى.

هل تعلم أن:

النساء أكثر عرضة للإصابة باضطراب انعدام التلذذ أكثر من الرجال؟

Cet article t'a plu? n'hésite pas à le partager

التعليقات (0)