ثقافات

كيف انتهت الأوبئة تاريخيًّا؟

صورة تعود للعام 1918 أثناء تفشي الإنفلونزا الإسبانية

تم رصد فيروس كورونا لأوّل مرة في الصين في نهاية العام 2019،  وبدأ ينتشر بسرعة في كافة أنحاء العالم، فوصل إلى لبنان في شهر شباط 2020، ويستمر انتشاره حتى الآن.

بداية، كنّا نسمع في وسائل الإعلام كلمة “وباء كورونا”، وبعد أشهر أصبحنا نسمع كلمة “جائحة كورونا”. لماذا؟

الفرق بين الوباء والجائحة

épidémie صفة تُعطى لمرض، أو فيروس يظهر في دولة واحدة، أو مجموعة دول صغيرة متجاورة، وينتشر بصورة سريعة بين الناس.

أما الجائحة Pandémie فهو ظهور حالات لأمراض معدية في كافة دول العالم وفي نفس الوقت، ويصعب السيطرة عليه، مما يهدد صحة الناس ويتطلب إجراء تدابير طبية سريعة، وخطط عاجلة لإنقاذ البشر.

وهذا ما نعيشه اليوم في ظل انتشار وباء كورونا، إذ تم تسجيل حالات من هذا الوباء في كافة أنحاء العالم.

هل تعتقدون أن العالم يعيش تجربة انتشار جائحة للمرة الأولى في التاريخ؟ بالطبع لا! لقد سبق وشهد العالم انتشار أنواع من الجوائح الأخرى.

3 جوائح شهدها العالم عبر التاريخ

1- الطاعون الأسود (1347-1351)

اجتاح وباء الطاعون أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1351 وتسبب بموت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة. الطاعون الأسود هو الوباء العظيم الذي أودى بحياة جزء كبير من سكان أوروبا خلال القرن الرابع عشر. خلال العصور الوسطى تم استخدم مصطلح “الموت الأسود” لتسمية جائحة الطاعون وذلك للتأكيد على رعب هذا الفيروس في ذلك الحين، إذ وصل عدد الموتى إلى 200 مليون شخص، وهو حتى الآن العدد الأكبر للوفيات الناتجة عن وباء.

2- الإنفلونزا الإسبانية  (1918-1919)

انتشرت الإنفلونزا الأسبانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم. وتميز هذا الفيروس بسرعة العدوى حيث تقدر الإحصائيات الحديثة أن حوالي 500 مليون شخص أصيبوا بالعدوى، وما بين 50 إلى 100 مليون شخصًا توفوا جراء الإصابة بالمرض أي ما يعادل ضعف المتوفيين في الحرب العالمية الأولى. الغالبية العظمى من ضحايا هذا الوباء كانوا من البالغين واليافعين الأصحاء بعكس ما يحصل عادة إذ يستهدف الوباء كبار السن والأطفال والأشخاص المرضى أو ضعيفي المناعة.

3- سارس  (2002-2003)

هو مرض تنفسي، بدأ ظهوره في الصين وأخذ ينتشر في بلدان العالم ولاسيما في دول جنوب شرقي آسيا ليصيب ضحاياه بصعوبة التنفس والتهاب رئوي غامض. لايوجد له حتى الآن لقاح فعّال للوقاية منه. سُجلت أولى إصابة في شمال الصين في شهر كانون الأول من العام 2002. يتبع لعائلة الفيروسات الإكليلية أي ما يُعرف بالكورونا. يعرف هذا المرض علميًّا بالمتلازمة التنفسية الحادة. أصيب به أكثر من 8000 شخص من 29 دولة ومنطقة مختلفة، وتوفي 813 شخصًا على الأقل في جميع أنحاء العالم. استمر تفشي المرض حوالي 8 أشهر. منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية احتواء السارس في 5 تموز 2003. ومع ذلك، تم الإبلاغ عن العديد من حالات السارس حتى أيار 2004.

كيف تنتهي الأوبئة، أو الجوائح؟

كيف يتخلّص العالم من هذه الاوبئة؟ وكيف عادت الحياة إلى طبيعتها بعد كل منها؟ يشير التاريخ إلى أن الأمراض تتلاشى لكنها لا تختفي. لمعرفة كيف سينتهي وباء كورونا الحالي، يجب أن ننظر إلى التاريخ وكيف انتهت الأوبئة السابقة.

أولاً هناك عاملان مشتركان في التعامل مع كل الأوبئة والجوائح التي سبق واجتاحت العالم وهما، عزل المصابين وعزل المناطق التي يتفشى فيه المرض أو قطع التواصل معها، وضرورة ارتداء الكمامات للحد من تفشي الفيروس: وهذا ما نعيشه اليوم في ظل انتشار جائحة كورونا.

صورة تعود للعام 1918 أثناء تفشي الإنفلونزا الإسبانية

بحسب الخبراء هناك أسباب عدة وكثيرة تؤدي إلى انتهاء الفيروسات.

الأسباب الطبيعية

مثل حدوث تغيرات في طبيعة الفيروس تؤدي إلى إضعافه، ومن ثم اندثاره. أو الحصول على مناعة جماعية قوية جدًّا بشكل طبيعي من دون لقاح من خلال التقاط عدد كبير من الناس العدوى والشفاء منها، إذ يكوّن الجسم أجسام مضادة للفيروس تحمي الإنسان منه، وفي هذه الحال لا يختفي الفيروس بشكل تام، ولكن يصبح خطر الموت منه ضئيل جدًّا، فتعود الحياة إلى طبيعتها.

الأسباب الطبية

وأبرزها ابتكار لقاح فعال ضد الفيروس، وتطعيم أكثر من 80% من سكان العالم للحصول على المناعة المطلوبة للجميع للتمكن من العودة إلى الحياة الطبيعية.

كما يمكن أن يكون انتهاء الفيروس مرتبط بعوامل نفسية، يعني ذلك أنه يمكن أن تحدث النهاية ليس نتيجة قهر المرض ولكن لأن الناس يتعبون من حالة الذعر ويتعلمون العيش مع المرض.

هل إنتاج لقاح كورونا، وبدء عملية التلقيح عالميًّا بوادر تقدم في مواجه الفيروس، واقتراب النهاية؟

بحسب المؤرخة في جامعة إكستر دورا فارغا، “إن نهايات الأوبئة فوضوية للغاية، فبالعودة إلى التاريخ، لدينا رواية ضعيفة حول كيف ينتهي الوباء ومن يقرر أنه انتهى”. إذًا لا يمكن التكهن اليوم عن مصير فيروس كورونا، أو عن متى وكيف سينتهي! ولكن من المؤكد أننا نسير اليوم في الطريق نحو تلاشي قوة الفيروس بسبب اللقاح من جهة، وبسبب انخفاض خوف الناس منه وضرورة العودة إلى العمل لإنقاذ الاقتصاد العالمي.

 

Cet article t'a plu? n'hésite pas à le partager

الإشارات

التعليقات (0)